الاستدعاءات والإجازات بين العلماء و أثرها في ربط الصلات العلمية بين المغرب و المشرق في القرن 14 هــ - جمال القديم
تعدّدت صيغ التواصل العلمي بين المشرق والمغرب، وكان لرحلة الحجّ أثر كبير في رسم خيوط ومعالم هذا التواصل، وفتحت البابَ أمام المغاربة للاطلاع على معالمِ ثقافة المشرق بمختلف أنواعها وجوانبها، وتحصيل قدر كبير منها، من خلال لقاء العلماء والمشايخ في مختلف البلدان التي يمرون بها في طريق ذهابهم وإيابهم، وأتاحت هذه اللقاءات العلمية أيضا للمشارقة التعرُّفَ على جوانبَ مُهمَّةٍ من الثقافة المغربية والعلوم المرتبطة بها، خصوصا، وأنّ هذه الرحلات كانت تضم كبار العلماء المتقدمين في العلوم، الضاربين فيها بقدم راسخة، المعروفين بجودة القريحة، وحسن المذاكرة.
ومن الظواهر العلمية التي ارتبطت بهذه اللقاءات، وأَخْذ هؤلاء العلماء بعضهم عن بعض، ظاهرة «الاستدعاءات والإجازات»، وهي أن يكتب الشخص الراغب في الإجازة وثيقة يطلب فيها من شيخ من الشيوخ أن يجيزه برواية ما صحّ من أسانيده ومروياته، ويسمى هذا «استدعاء»، فيرد عليه الشيخ بكتابة وثيقة جوابية تحمل إسعاف الطالب بمرغوبه، والإذن له في الرواية عنه، وقد يُشفِّع ذلك بذكر بعض أسانيده ومروياته، ويسمى ذلك «إجازة».