الممارسة الإعلامية الواجب المهني و الأداء الفني - محمد الزوهري
” وعكس ما يروج من كلامٍ عن تبخيس قيمة الإعلام والإعلاميين، نتيجة ما يعرفه المجال من تطفل وتراجع وانحلال في الآونة الأخيرة، يظل الإعلام عملا شريفا ورسالة نبيلة، فهو ليس- كما يدّعي البعض- مهنة مَن لا مهنة له، أو وسيطا وظيفيا للتواصل والإخبار خالٍ من الأثر الاجتماعي والثقافي، بل هو مجال مشرع على الخلق والتأثير… ولكي يكون الفرد إعلاميا وجب عليه أن يكون مستعدا وجدانيا وذهنيا وفكريا لممارسة هذه المهنة، وقادرا على تحمل صعابها، لأنها مهنة التحديات بامتياز، كما وجب عليه أن “يستجيب للنداء الصادر من أعماقه، وأن تتوافر فيه الموهبة والرغبة الملحة في ملاحظة الحياة والناس، وفي وصف ما يراه، وفي التعبير عما يحس به“.
ومادامت المهنة مجالا للعطاء والإبداع والتألق، فليس هناك في العالم إعلاميان متشابهان؛ يشتغلان بطريقة واحدة ويحملان رؤية موحدة، بل لكل واحد بصمته الخاصة وأداؤه المتميز، من خلال أسلوب مقاربة الوقائع ومعالجتها، وكيفية إنجاز العمل الإعلامي وصياغته، وطريقة التواصل مع المتلقين وإقناعهم… تبعا لما يملكه الممارسُ في المجال من ملكات خاصة، وقناعات فكرية، وعلاقات اجتماعية.
وللأداء المهني في وسائل الإعلام المختلفة خصائص فنية محددة وصيغ إنجاز مميزة، تختلف من جنس صحفي إلى آخر ومن وسيلة إعلام إلى أخرى؛ حسب طبيعة الوظيفة الإعلامية، والأهمية التأثيرية، ونوعية الخط التحريري، وخصوصية الفئة المستهدفة… ذلك أن لكل مادة إعلامية قالبا فنيا خاصا بها يختلف في المبنى والمعنى عن قوالب المواد الأخرى، سواء من حيث الفكرة وطريقة الإنجاز، أو من حيث نوعية اللغة والأسلوب الموظفَين في الصياغة، أو من حيث المهارات الذاتية والملكات الفنية التي يستعين بها الإعلامي لتقديم مادته الإعلامية في صورة لائقة ومؤثرة.