التعليل المقاصدي - وفاء توفيق
إن علاقة التعليل بالمقاصد علاقة وطيدة، بل هي لب علم المقاصد إن شئنا التدقيق وركنه الأول كما نص ابن تيمية، وتصل العلاقة إلى الدرجة التي لا يمكن معها درك مقاصد الشارع حال جهل أو غياب علة الحكم، كما أن الحاجة تزداد إلى معرفة المقاصد بقدر ازدياد حظ الناظر من العلوم الشرعية كما قرره ابن عاشور.
ولاشك أن معرفة المقاصد بالنسبة للمسلم عظيمة، إذ تعطيه من المناعة ما يكفي لممارسة حضوره التعبدي في هذه الحياة، كما أنها تمارس نوعا من المناعة العقلية ضد الغزو الفكري والعقدي وكل أنواع التهديد لتلقي مقررات الشريعة وأحكامها.
وإذا كان لعلماء الشريعة كبير اهتمام بموضوع التعليل المقاصدي، فإن علماء الغرب الإسلامي كان لهم عناية خاصة بجانب المقاصد وتعليل الأحكام، مما طبع إنتاجهم الفقهي والأصولي والتفسيري بالطابع العقلاني الذي يميز الاشتغال المقاصدي، وفي كل مناحي الاجتهاد التفسيري والفقهي، وقد نالت أحكام الأسرة حظا وافرا من الدرس والاجتهاد في مجال تعليل المقاصد الشرعية، وهي اليوم تمثل رصيدا "حيا" و "مستأنفا" قابلا للاستثمار في عصرنا مع تعاظم الأسئلة وتكاثر التحديات، يمكن أن نتعلم من خلاله منهجية البحث في العلل المقاصدية وملاءمتها مع روح العصر.