الإنزياحات الخطابية والبيانية في كتاب دلائل الإعجاز - ماهابد هاشم ابراهيم
من المتعارف عليه أن البلاغة دعامة أساسية للدراسات الحديثة أياً كانت أشكالها وتعبيراتها وفنونها فضلاً عن أنها تتيح السبل أمام المتكلمين للتعبير والإبداع والتواصل بمختلف المستويات اللغوية - (الصوتية، الصرفية، النحوية، الدلالية) - المتساوقة والمشاركة في تعيين الأقطاب الخطابية وتوجيهها وفقاً للأبعاد التداولية، ويقتضي إستيعاب الأبعاد التداولية العميقة التي تستند إلى الأفعال الكلامية (الإنجازية، الإنشائية) الذي أرسى قواعده الفيلسوفان (سورل وأوستين)، العودة إلى البحث في أوليات البلاغة والتداولية ذاتها.
فمجمل المعطيات الموصوفة في الميدان البلاغي لا يشكل سوى حالة من حالات الأفعال الكلامية وإنتاج الأنماط الخطابية الخاصة المتشكلة من العناصر التداولية الجوهرية (المخاطِب والمخاطَب والخطاب والموقف الخارجي).
ولقيام علاقة وشيجة بين البحث البلاغي القديم ولا سيما الطروحات البلاغية عند الجرجاني والمفاهيم التداولية، وقع اختيارنا على موضوع (الإنزياحات الخطابية والبيانية في كتاب دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني في ضوء المنهج التداولي) إذ يهدف هذا البحث إلى رسم خريطة عامة لأرض البلاغة عند الجرجاني في كتابه (دلائل الإعجاز) بغية تحليلها وتفسيرها في ضوء المرتكزات الأساسية في الإتجاه التداولي (البراكماتيكي)، مبسطاً الحديث عن معالجات الجرجاني وتحليلاته للأساليب البلاغية وكيفية ربطها بالمقام، والخلفيات الإجتماعية لكل من الباث والمتلقي إلى جانب إيجاد نقطة التلاقي والتشابه بين الجرجاني والمحدثين؛ لتلمس العناصر الأساسية في تشكيل الخطاب الدائر بين المتخاطبين وفقاً للمعطيات التداولية فضلاً عن إستنباط تحليلات الجرجاني للعناصر الخطابية المتقاربة مع الوجهة التداولية في تشكيل المحاور الكلامية المتتابعة التي تدخل في صلب عملية التواصل والتخاطب بين المتخاطبين