بلاغة السرد ( الحكاية المركبة في كتاب البيان و التبيين ) - مصطفى رجوان
كانَ الجاحظ فى كتاب البيان والتبيين» يقوم بعملين متنافرين في
الآن نفسه؛ كانَ يقدم محاضرةً علمية مُزوّدة بالرؤية الفلسفية ويُناقشُ مسائل مُتعلّقة بالبلاغة وطبيعة الإنسان لابساً ثوب البلاغي، وكان يسرد قصة متكاملة الأركان لم يكن يسرد أخباراً طائشة تتداعى مع كل موضوع
فرعي، بل تسيرُ في تناغم مع المادة العلمية لابساً ثوب البليغ. لا أزعم تحليل السّرد في كتاب البيان والتبيين»، ولا أريدُ إدخال القارئ إلى متاهة من المفاهيم والنظريات أريد فقط أن أحكي حكايةً. ما مصدرُ هذه الحكاية؟ ليست حكاية من اختراعي هي حكايةً مُركّبة من كتاب البيان. ويُمكنُ أن تقول: إنني سأعرضُ لها حبكة، ليست من صُنعي، لكنّها نُسجت بخفاء ودهاء شديدين من قبل الجاحظ. حكاية من؟ حكاية العرب مع البلاغة وحكاية المعتزلة، وحكاية الجاحظ نفسه. حكايةً تتمدّدُ دائرتُها وتتقلّص كيفما شئت.