يبحث هذا الكتاب في الصيرورة التاريخية للعلمنة وصولاً إلى الأيديولوجيا العلمانية، وفي علاقة الدين بالدولة كما ظهرت عيانًا في أوروبا، ثم يقارن ذلك بالأنموذج الأميركي، مبينًا وجود نماذج مختلفة من العلمانية. ويركز المؤلف على فكرة “توليد العلمنة لنقيضها” أكان ذلك على مستوى عودة الديانات التقليدية إلى القيام بدور في المجال العام، أو بنشوء الديانات السياسية وأشباه الديانات البديلة. ويتضمن الكتاب نقدًا لنظريات العَلمنة ومساهمة معمقة في تطوير صيغة مركبة وجديدة لنظرية العلمنة. ويشير الكاتب إلى عملية التأريخ كتحد للرواية الدينية، فالتأريخ مهمة علمانية. ويبيّن أن الحداثة قد تؤدي في بداياتها قبل علمنة الوعي إلى انتشار التدين مع انتشار القراءة والطباعة، ولا سيما حين يصبح الدين جزءًا من الهوية الوطنية في بعض الحالات. وخلافًا لما هو شائع فإن هيمنة الكنيسة على السلطات الدنيوية انتهت قبل الحداثة، وهذا يعني أن بداية الحداثة كانت في إخضاع الدين للدولة وليس فصل الدين عن الدولة. من المحال حصر موضوعات هذا الكتاب كلها، فهي متشعبة ومتداخلة ومتآلفة في الوقت ذاته. فيدرس المؤلف حاجة علم الاجتماع إلى علم التأريخ كي لا يقع في أخطاء التعميمات في شأن انتقال المجتمعات من التدين إلى العلمانية، ويستعرض تطور فكرة فصل الدين عن الدولة حتى الجمهورية الثالثة في فرنسا وقانون 1905. ويتعمق في تبيان الفروق بين أنماط العلمانية في المجتمعات الكاثوليكية والبروتستانتية، ويتصدى للبحث في الديانات السياسية. ويعود، في هذا الميدان، إلى فكرة الديانة المدنية عند روسو، وإلى الطهرانية البروتستانتية، ولا سيما طهرانية المهاجرين الأوائل، وإلى أسطورة التأسيس الأميركية، ودور الدين في الاستعمار الحديث، وينتهي إلى عرض أنموذج جديد في فهم العلمنة.