الإجتهاد تصورا و ممارسة ج7 - أحمد الخمليشي

لماذا عجزنا نحن المسلمين عن بناء مجتمع متماسك ومتعايش يسخر للبناء - لا للهدم - ما قد يكون بين بعض أفراده من اختلاف في الرأي ويستعمله للتنافس السلمي في تقديم الأفكار، وابتكار المعرفة، ومناهج العمل النافع للناس بأسلوب الإقناع ولغة الجدال بالتي هي أحسن، الجواب: وجود خلل في تصور مواد هذا البناء وأدواته نتيجة تصادم ثقافتين غير متجانستين (ثقافة ناشئة عن التنظير للمعرفة الملقنة باسم الشريعة، ثقافة ناشئة عن التنظير والممارسة الفعلية لبناء المجتمع بعد الاتصال بالغرب).

نخرب بيوتنا بأيدينا ونشج بوعي أو بدونه على المزيد من التخريب، مستسلمين للاندفاع العاطفي في الدفاع عن الرأي ونقد الرأي الآخر بأسلوب يبعد كثيرًا عن الصدق في القول، وينحدر إلى السب والقذف، الأمر الذي نزيد به للمجتمع إفسادًا ولقيم التعايش نسفًا، وكل فريق يحسب أن يحسن صنعًا، ونعتقد جازمين أنه لا وسيلة ناجعة لتجاوز الخلل إلا بإزالة الحاجز الفاصل بين الثقافتين عن طريق مراجعة عدد من الأفكار والتصورات التي تغذي هذا الحاجز القائم بين الفكر الفقهي وبين الواقع في معالجة كل منهما لموضوع القواعد المنظمة للعلاقات الاجتماعية وطريقة صياغتها، فقد بلغ السيل الزبي، ولا محيد عن الاختيار.