رؤى التاريخ - طحطح والزاوي
التفكير في المناهج التاريخية من حيث النشــــــــأة والتطور محصلة مســـــــار طويل من التجاذب والتجارب، من الاســـــــــتمراريات والقطائع، من التراكمات والانقطاعات، من الأفعال وردود الأفعال، وعبر هذا المسار المتعدد تحضر المعرفة التاريخية كتفكير، ككتابة، كصناعة، وكرهان للتجاوز في ثنايا مشاريع مجتمعية لهضوية، وأحيانا كخطاطات ديداكتيكية تعمد تحســير فجوة التفاوت بين الممارسة العالمة للتاريخ والانشغالات المدرسية لممتهني تدريس التاريخ. کل انشغال في المسـار الاستوغرافي لتأليف تاريخي معين، وجب أن يتقيد بترسمية منهجية تسائل ثلاث موجهات للعمل التاريخي: أولا: بنية المصادر من حيث حالتها واستعمالها في سياق مأسسة الأرشيف وتسهيل وصول الباحثين إلى الذخائر والمضــان والمتون بمختلف أنواعها، ومن تم تعميق الوعي الاجتماعي بأهمية الوثائق في صيانة الذاكرة الجماعية. e ثانيا: استحضار المناهج والرؤى في تقعيد ممارسة محلية حول انشغالات تاريخية عامة تضع في دائرة المجهر إشكالية التحقيب، حقول البحث، إجرائية المفاهيم والمصطلحات، متانة المقولات النظرية، وأيضا قضايا الحدود المعرفية بين التاريخ والعلوم المجاورة. ثالثا: تجديد أوراش البحث والتفكير في العمل الجماعي باعتباره المدخل السليم لتطوير حقل التاريخ، سواء داخل المدار الأكاديمي أو خارجه، في تســاوق مع أسئلة الأجيال ورهانات سوق المعرفة والمجتمع المدرسي. من يقرأ تاريخ المغرب بقليل من النباهة تستوقفه تحاليل تاريخية تمت مقاربتها عن طريق التقليد والتواتر، حتى لكأنها صارت قلاعا ممتنعة عن الإدراك من فرط تكرارها، إن لم تكن رافضـة من حيث العمق للاندماج ضمن النسق التاريخي، وحل المسـألة يتلخص عمليا في وجوب المزاوجة بين ثنائية الحدث والبنية، بين التاريخ كســـــــرد والتاريخ كاستوغرافيا، بل وجب الانتقال من المجادلة الوطنية نحو النقد التاريخي الموضـوعي والتفكيك المعرفي..