سموم النص , كتابات مفتوحة على المحرمات الدينية و السياسية - عباس حايك
جرى في كلام الهرمنطوقيين، أن المتلقي يشارك المتكلم في إنتاج النص، وانعكس ذلك عند بعض المفكرين المسلمين في المقولات التالية: النص دائماً ثابت إستاتيكي بلفظه، ومتحرك وغير ثابت في مضمونه ومحتواه... ومثل لا نهاية له لفهم النص.
ولذلك يقولون بضرورة القراءة الجديدة للنصوص الإسلامية، ويستوي في ذلك النص المؤسس (الكتاب والسنّة)، والنصوص الحاضة، وهي مجموع النصوص الشارحة والمبينة، التي تكرست على حواشي النص المؤسس... ومعنى ذلك عدم جواز الوقوف على فهم واحد، وموقف فارد، عملاً بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلَا يَهْتَدُونَ﴾... [سورة البقرة: الآية 170].
فالآية تتضمن نهياً عن الوقوف على فهم السلف للنصوص، والمطلوب أن تبقى أفهامهم وأفكارهم موضع مساءلة دائمة ومستمرة، وبذلك يتبين أن الدين بنصه المؤسس شيءٌ، وفهم الدين شيءٌ آخر، وهو ما يعني نسبية الفهوم دائماً، وسيكون - والحالة هكذا - لدينا صور متعددة للدين بتعدد القراءات، وسيكون الشك الذي هو سعادة الحكماء والعقلاء مطلوباً، وسيكون معاداة الدوغمائية مطلوباً، هذه العقلية التي تأنس بالنوم على جملة يقينيّات بإعتبارها اليقين النهائي، والتي تعكس في فكر صاحبها وعياً زائفاً ومخادعاً، واطمئناناً فارغاً بإمتلاك ناصية الحقيقة النهائية على الرغم من علمه أن القطع واليقين متضمن للجهل المركّب، والظاهر أن هذا منطلق الكاتب في دراسته هذه التي جاءت تحت عنوان "سموم النص"، لكن عن أيّ نصٍّ يتكلم؟...