مطبخ الرواية - سعيد العوادي

أفريقيا الشرق
|
9789920517218
70.00 dh 0.00 dh( / )
جميع الضرائب محتسبة

يصنع فن الرواية عالما متخيَّلا يتفاعل مع العالم الواقعي من خلال مبدأي التقاطع والتوازي، ويشغِّل فيه الروائي حُزمة من الحيل بهدف الإيهام بإمكانية تحققه. ويعدّ توظيف الأطعمة والأشربة واحدا من هذه الحيل الإيهامية، التي تجعل للشخصيات الروائية حضورا حيّا وإنسانيا، لا سيما وأن «السِّجِلَّ الغذائي موجود في كل مكان» من حياتنا اليومية.وهكذا، تتضمّن الروايات مطابخ متنوّعة وتزخر بصنوف من الموائد تهيّج الحوّاس، فتكاد تتراءى للقارئ صور جلسات تناول الوجبات وارتشاف الكؤوس وألوان الملذات، ويسمع صرير احتكاك الشوكات بالسكاكين وقرقرة الأشربة ونشيش الطهي، ويشم روائح الأطباق وشذى التوابل وأريج الفواكه، ويتذوّق لذيذ المشهيّات. فتخلق في نفسه حالات سيكولوجية متباينة، كأن توقظ ذكرى ماضوية مطمورة، أو تومض فكرة منطفئة…غير أن النقد الروائي لم يحفل بـ «أطعمة الرواية»، بدليل خلوّ مدونته الواسعة من أي كتاب تفصيليّ استقلّ بتناول هذا المكوّن الحيوي بأي صيغة سواء أكانت وصفية أم تاريخية أم تأويلية. ويبدو أن سبب ذلك يعود إلى تلك النظرة «الذكورية» التي تحكّمت، بكيفية ما، في التناول النقدي للنصوص الأدبية جملة؛ ولربما عدّ كثير من النقاد «الروايات الطعامية» أدبا من الدرجة الثانية أو الثالثة، وترسّخ في اعتقادهم أن مشاهد الطعام والشراب شأن نسائي خالص، وكأنه موضوع مبتذل لا يليق بوقار النقد أن يخوض فيه، ويعتني بتفاصيله.

إضافة إلى قائمة المتمنيات
أضف إلى المقارنة

شوهدت مؤخرا